جراحات إصلاح العيوب الخلقية
تعتبر من الجراحات الهامة جداً في علاج التشوهات والعيوب الخلقية عند الأطفال، والتي تساعدهم في العيش بصورة طبيعية في كافة مراحل عمرهم التالية، خاصة مع اهتمام الطب التجميلي بهذا الشق، والتطور الكبير الحادث على مستوى التقنيات، والأساليب الحديثة للوصول بالحالة؛ إلى الوضع الأقرب إلى الطبيعي حتى لا تسبب تلك المشكلة أي أزمات صحية أو نفسية للطفل، في المستقبل، ولكن ما هي العيوب الخلقية، وأبرز أنواعها انتشاراً، ومسبباتها، وعوامل الخطر المتعلقة بها، وكيفية التعامل معها بالصورة الأمثل؟ هذا ما سيتم طرحه تفصيلياً فيما هو قادم.
ما هي العيوب الخلقية؟
يقصد بالعيوب الخلقية هي حدوث تشوهات بزيادة أو نقصان غير طبيعي في عضو من أعضاء الجسم، ويبدأ هذا الخلل البنيوي في بداية الحياة الجنينية، ويكون السبب الرئيسي فيه، هو تعرض الخلية لبعض العوامل الشاذة البعيدة تماماً عن التطور الطبيعي للجنين؛ لتنتج تلك التشوهات التي تندرج من البسيطة التي لا تؤثر على حياة الجنين؛ إلى الحادة التي قد تؤدي للوفاة، والتي في الغالب تؤثر على (الشكل الخارجي، وظيفة الجهاز، النمو البدني أو العقلي).
وجب التنويه على أن الطفل المعاق يختلف علمياً عن الطفل ذو العيب الخلقي؛ فالأول هو الطفل الذي يولد، أو يصاب بعد الولادة بإعاقة ذهنية أو حركية، مثل حالات شلل الأطفال، أما الطفل ذو العيب الخلقي، فهو ليس معاقاً على الإطلاق، ولكنه يستطيع ممارسة حياته بشكل طبيعي بعد علاج العيب الخلقي.
أسباب الإصابة بالتشوهات الخلقية ومضاعفاتها
هناك العديد من الأسباب المؤدية إلى ظهور العيوب الخلقية عند الأطفال، منها أسباب جينية، وأخرى بيئية، منها الآتي:
- الوراثة، عبر تمرير جينات الأب، والأم، تشوهات للطفل؛ بسبب خلل ما في تلك الجينات، بسبب طفرة، أو خلل معين في التاريخ العائلي لأحد الوالدين.
- السلوكيات الخاطئة مثل الإفراط في التدخين، أو تناول الكحوليات، والمخدرات فتلك الأمور تسبب تشوهات الأجنة الشديدة.
- تناول الأمر لبعض الأدوية المسببة للتشوهات، أو التعرض للإشعاع، والمواد الكيميائية.
- إصابة الأم بالتهابات أو بعض الأمراض مثل الزهري، والحصبة الألمانية، خاصة في الدول الفقيرة.
- نقص تناول بعض المغذيات الهامة مثل حمض الفوليك؛ يزيد من احتمالية الإصابة بالعيوب الخلقية.
- هناك أيضاً بعض من عوامل الخطر التي تزيد من احتمالية تشوهات الأجنة، مثل زواج الأقارب، أو حمل الأم بعد سن ال 35 عام.
- أسباب أخرى غير معروفة، وتبلغ نسبتها نحو 50%.
أما عن مضاعفات التشوهات الخلقية وعلى الرغم من ندرتها، إلا أنه في بعض الأحيان قد يحدث عدوى، أو نزيف أو حدوث انسدادات في بعض أعضاء الجسم.
كيفية تشخيص العيوب الخلقية
بعض الحالات يمكن معها تشخيص العيوب الخلقية أثناء الحمل، عبر عدة طرق، منها فحص الموجات فوق الصوتية للأم الحامل، واختبارات الدم، وأخذ عينات من الزغابات المشيمية، وبزل السلى (أخذ عينة من السائل المحيط بالجنين) وذلك لتشخيص تشوهات الكروموسومات.
أما بعد الولادة، يجب أن يبدأ الأمر مبكراً، وذلك بحضور طبيب أطفال أثناء الولادة؛ لفحص الوليد فور ولادته، والتأكد من سلامته، وعلاج أي خلل بأسرع وقت ممكن، خاصة أن التأخير في التعامل مع العيوب الخلقية؛ قد يؤدي إلى الوفاة، أو مضاعفات خطيرة تدمر مستقبل الطفل، وهنا تكمن أهمية الفحص السريري، والكشف عن اضطرابات الدم، التأكد من سلامة عمليات حيوية مثل إنتاج الهرمونات، والتمثيل الغذائي إلخ.
أنواع العيوب الخلقية
العيوب الخلقية عند الأطفال تشمل بشكل عام نوعان، وهما:
- العيوب الخلقية الهيكلية:
- يعاني الطفل من خلالها، بفقد جزء من الجسم، أو وجود تشوه في هذا الجزء، ومن أكثر أنواع العيوب الهيكلية شيوعاً (عيوب القلب، والشفة الأرنبية، وشق سقف الحلق، و السنسنة المشقوقة، وكلوب فوت أو القدم الحنفاء).
العيوب الخلقية الوظيفية:
يقصد بها حدوث خلل في وظيفة أحد أعضاء الجسم؛ نتيجة وجود مشكلة في التركيب الكيميائي للجسم، وتؤثر تلك النوعية من العيوب الخلقية على الجهاز العصبي، أو الأيضي، أو المناعي، ومن أكثر أنواعها شيوعاً، متلازمة داون.
علاج العيوب الخلقية
تختلف طرق علاج العيوب الخلقية تبعاً للحالة، فهناك حالات يمكن تصحيحها أو تحسينها أثناء الحمل، وهناك حالات أخرى تحتاج لعلاج دوائي منذ الولادة أو إجراء جراحات طارئة لإنقاذ حياتهم، ومن أكثر أنواع العيوب الخلقية شيوعاً، والتي يتم التعامل معها جراحياً الآتي:
· إصلاح الشفة الأرنبية المفردة والمزدوجة
تحتل تشوهات الشفة الأرنبية سواء ارتبط حدوثها بتشوهات الحنك أو عدمه، المركز الرابع بين أكثر العيوب الخلقية شيوعاً، ويقصد بها، حدوث انفصال في الشفة العليا، فتظهر عليها فتحات تشبه شفة الأرنب، وغالباً ما يمتد هذا الانفصال إلى اللثة العلوية، ومنطقة ما وراء الأنف، وعظام الفك العلوي. قد تكون الشفة الأرنبية جزئية أو كلية، وقد تحدث على جانب واحد (مفردة)، أو على الجانبين (مزدوجة)، أو في المنتصف، وهي من الحالات النادرة جداً.
كيف تتكون الشفة الأرنبية، وأهم أسبابها؟
تبدأ تكون الشفة في الجنين بين الأسبوع الرابع، والسابع من الحمل، حيث تنمو خلايا، وأنسجة الوجه من كل جانب من الرأس متجهة نحو مركز الوجه، مكونة إياه. وعند عدم انضمام أنسجة الشفاه سوياً بشكل كامل قبل الولادة؛ تحدث الشفة المشقوقة أو الشفة الأرنبية والتي منها العديد من الأشكال، فقد تكون فتحة صغيرة أو كبيرة، وقد تمتد إلى الأنف، وقد يعاني الطفل من الشفة الأرنبية، والحنك المشقوق معاً، والحنك هنا هو سقف الفم، الفاصل بين تجويف الفم، وتجويف الأنف. وعن أبرز أسباب الشفة الأرنبية فهي كالآتي:
- العامل الوراثي قد يكون سبباً لوجود الشفة الأرنبية.
- تناول الأم لبعض الأدوية خاصة أول 3 شهور من الحمل.
- التدخين وتناول الكحوليات سواء للأم، أو الأب.
- تشوهات الجنين قد يكون السبب فيها نقص حمض الفوليك.
- تعرض الحامل للإشعاعات، أو مواد كيماوية ضارة.
- إصابة الأم بالالتهابات أو أمراض أو بعض أنواع الفيروسات خلال الحمل.
- لوحظ أيضاً ظهور الشفة الأرنبية في حالات زواج الأقارب.
- أسباب مجهولة أخرى.
كيفية علاج الشفة الأرنبية؟
يتم علاج الشفة الأرنبية عبر الجراحات التجميلية والتي يختلف عددها؛ تبعاً لشدة الشق الفموي. تلك الجراحات على الرغم من عدم صعوبتها، إلا أنها تتطلب جراح تجميل يتمتع بالكثير من المهارة، والحرفية، والدقة خاصة عند التعامل مع أنسجة رخوة، مثل أنسجة الأطفال، وتتم مراحل علاج الشفة الأرنبية كالآتي تبعاً لكل حالة:
- جراحة غلق الشفة الأرنبية، وتلك العملية تكون في عمر 3 شهور، ويتم تعديل شكل اللثة، والفكين، والحرص على تماثل فتحتي الأنف.
- العملية الثانية تكون بعد 6 أشهر، وهي جراحة علاج سقف الحلق.
- يتابع طبيب أسنان، الطفل بعد ذلك؛ لعمل تقويم أسنان، وضمان نموها بشكل طبيعي.
- عملية تجميل أخيرة لإزالة أي ندوب أو جروح من العمليات السابقة، ويفضل إجراءها عند بلوغ الطفل 16 لضمان اكتمال نموه.
تلك العمليات تهدف في الأساس إلى تحسين شكل الطفل، وبالتالي تعزيز ثقته في نفسه، ولكن أيضاً تهدف إلى تحسين عمليات وظيفية، مثل التنفس، والسمع، والكلام، والبلع، وتطوير اللغة.
· اصلاح شق سقف الحلق cleft palate repair
يتسبب هذا التشوه في حدوث خلل في العديد من وظائف الجسم الفسيولوجية، مثل الكلام، والبلع، والنطق، والمضغ، كما يؤثر بالسلب على النمو الطبيعي للفك العلوي، والأنف إلخ. هو عبارة عن حدوث انشقاق في سقف الفم، قد يكون في الحنك الصلب، الموجود خلف الأسنان، أو في الحنك الرخو، الواقع خلف الحنك الصلب باتجاه الحنجرة. تتفاوت درجة تشوهات شق سقف الحلق، بداية من شرخ صغير، وصولاً إلى انفصال كامل به.
لابد من التدخل السريع لإصلاح شق سقف الحلق جراحياً؛ لما يسببه هذا التشوه من مضاعفات مثل التهابات الأذن الوسطى، ومشاكل في النطق، والكلام، وكذلك حدوث خلل في تكوين الأسنان.
يمكن إجراء جراحة إصلاح شق سقف الحلق من عمر 6 شهور؛ في حال سمحت الحالة الصحية للطفل بذلك، ويستهدف منها عدة أمور:
- غلق الفتحة بين تجويف الفم، والأنف.
- منع تسرب الغذاء، والسوائل إلى الأنف.
- تحسين النطق، والكلام عند الطفل.
- جعل الشكل الخارجي لوجه الطفل طبيعياً.
خطوات جراحة إصلاح شق سقف الحلق
قبل الجراحة لابد من الاهتمام الجيد بتغذية الطفل، وصحته، وتهيئته للجراحة، كذلك لابد من عرضه على أكثر من طبيب في عدة تخصصات؛ للوصول إلى أفضل نتيجة بالجراحة، وتلك التخصصات هي (جراح تجميل، أخصائي أنف وأذن وحنجرة، طبيب أسنان، وأخصائي تخاطب)، وتجرى الجراحة كالآتي:
- يوضع الطفل تحت التخدير الكامل.
- يقوم الجراح بعمل شقوق على جانبي الشق؛ للوصول إلى عضلات الحلق المنفصلة.
- ترتيب، وترميم عضلات الجزء الرخو، تلك الخطوة تساعد كثيراً في تحسين النطق.
- خياطة الطبقة الخارجية على طول خط منتصف سقف الحلق.
- قد يحتاج الطفل إلى عمليات تجميلية أخرى في المستقبل؛ لتحسين بعض المشاكل، وإخفاء الندبات الظاهرة.
العملية تستغرق من 2 إلى 3 ساعات، ويمكن للطفل العودة إلى المنزل خلال يوم أو يومين من الجراحة، أما عن الغرز، ستذوب من تلقاء نفسها، وسيحدد الطبيب موعدا لمتابعة نتائج الجراحة.
· إصلاح الاحليل البولي بأنواعه المختلفة Hypospadias repair
الاحليل هو الأنبوب الموجود داخل القضيب، والذي يقوم بنقل البول من المثانة؛ لخارج الجسم، وهناك العديد من العيوب الخلقية التي خروج البول من غير موضعه، أو حدوث انسداد في مجرى البول، أو إعاقة سريانه، وهو ما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تتمثل في الإصابة بأمراض مثل عدوى السبيل البولي، أو حدوث ضغوطات كبيرة على المثانة، والكلي، والتسبب في الإضرار بهم بمرور الوقت، أما عن أنواع العيوب الخلقية التي تواجه الاحليل البولي فهي كالآتي:
- انسداد جزئي به.
- يوجد في الموضع الخطأ.
- بارزاً خارج فتحته (تدلي الإحليل).
- حالة الإحليل المزدوج (تواجد اثنان بدلاً من واحد)، وهي حالة نادرة، وفي الغالب يكون أحدهما فقط هو المتصل بالمثانة.
يتم تشخيص حالات العيوب الخلقية للإحليل عبر الفحص السريري للطفل، ومن الممكن أن تتطلب الحالة إجراء بعض الفحوصات، والأشعة. كافة أنواع العيوب الخلقية الإحليل البولي يتم معالجتها بالجراحات التجميلية لتصحيح وضعيته، والتخلص من أي عيب.
إصلاح العيوب الخلقية في مختلف أجزاء الجسم
العيوب الخلقية قد تشمل أي عضو من أعضاء الجسم، وهنا يأتي دور الجراحات التجميلية في إصلاح تلك العيوب، والوصول بها إلى أقرب مستوى للشكل الطبيعي، وتشمل العيوب الخلقية الآتي:
- العضلات، والمفاصل، والعظام.
- القلب.
- الدماغ، والحبل الشوكي.
- الأعضاء التناسلية.
قد تكون هناك عيوب خلقية أكثر شيوعاً من غيرها، وبعضها يكون بسيطاً، والبعض الآخر يكون خطراً للغاية، يسبب الوفاة عند الرضع، وعلى الرغم من عدم معرفة السبب وراء ظهور العيوب الخلقية، إلا أن الدراسات أكدت على وجود بعض العوامل الجينية، والبيئية التي تزيد من فرص حدوث التشوهات الخلقية، مثل تعرض الأم للأشعة، أو تناول بعض الأدوية، أو نقص التغذية، والعدوى، أو تناول الكحوليات أو التدخين.
أما عن تشخيص العيوب الخلقية، فهناك حالات يمكن التشخيص قبل الولادة عبر (أشعة الرنين المغناطيسي، واختبارات الدم، بزل السلى، أخذ عينة من الزغابات المشيمية).
وهذا التشخيص يفضل إجراؤه لحالات معينة من السيدات (من هم أكبر من 35 عام، تعرضوا لحالات إجهاض متكررة، لديهم أطفال كانوا يعانون من العيوب الخلقية، وماتوا دون أسباب واضحة).
أما تشخيص العيوب الخلقية بعد الولادة، يكون عبر الفحص الدقيق للطفل المولود (الجلد، الرأس، العنق، القلب، الرئة، البطن، الأعضاء، الجهاز العصبي، ومنعكساته).
الجراحات التجميلية تفيد كثيراً في حل مشاكل العيوب الخلقية في كافة أنحاء الجسم وتصحيحها، كما يمكن استخدام الجراحة مع الأدوية؛ لضبط الأعراض الناجمة عن عيوب خلقية أخرى.